من أين حصلت العداوة بين الشيطان والإنسان ؟ فنقول ابتداؤها من الشيطان وسببه تكريم الله بني آدم، لما رأى إبليس ربه كرم آدم وبنيه عاداهم فعاداه الله تعالى والأولى منه لؤم والثاني من الله كرم، أما الأول فلأن الملك إذا أكرم شخصاً ولم ينقص من الآخر شيئاً إذ لا ضيق في الخزانة، فعداوة من يعادي ذلك المكرم لا تكون إلا لؤماً، وأما الثاني فلأن الملك إذا علم أن إكرامه ليس إلا منه وذلك لأن الضعيف ما كان يقدر أن يصل إلى بعض تلك المنزلة لولا إكرام الملك، يعلم أن من يبغضه ينكر فعل الملك أو ينسب إلى خزانته ضيقاً، وكلاهما يحسن التعذيب عليه فيعاديه إتماماً للإكرام وإكمالاً للإفضال، ثم إن كثيراً من الناس على مذهب إبليس إذا رأوا واحداً عند ملك محترماً بغضوه وسعوا فيه إقامة لسنة إبليس، فالملك إن لم يكن متخلقاً بأخلاق الله لا يبعد الساعي ويسمع كلامه ويترك إكرام ذلك الشخص واحترامه.
المسألة الثانية :
من أين إبانة عداوة إبليس ؟ نقول لما أكرم الله آدم عاداه إبليس وظن أنه يبقى في منزلته وآدم في منزلته مثل متباغضين عند الملك والله كان عالماً بالضمائر فأبعده وأظهر أمره فأظهر هو من نفسه ما كان يخفيه لزوال ما كان يحمله على الإخفاء فقال :﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم﴾ [ الأعراف : ١٦ ] وقال :﴿لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ﴾ [ الإسراء : ٦٢ ].
المسألة الثالثة :