وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بني آدَمَ ﴾
العهد هنا بمعنى الوصية ؛ أي ألم أوصكم وأبلغكم على ألسنة الرسل ﴿ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشيطان ﴾ أي لا تطيعوه في معصيتي.
قال الكسائي : لا للنهي ﴿ وَأَنِ اعبدوني ﴾ بكسر النون على الأصل، ومن ضم كرِه كسرة بعدها ضمة.
﴿ هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ أي عبادتي دين قويم.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ ﴾ أي أغوى ﴿ جِبِلاًّ كَثِيراً ﴾ أي خلقاً كثيراً ؛ قاله مجاهد.
قتادة : جموعاً كثيرة.
الكلبي : أمما كثيرة ؛ والمعنى واحد.
وقرأ أهل المدينة وعاصم :"جِبِلاٍّ" بكسر الجيم والباء.
وأبو عمرو وابن عامر "جُبْلاً" بضم الجيم وإسكان الباء.
الباقون "جُبُلاًّ" بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وشدّدها الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وعبد الله بن عبيد والنضر بن أنس.
وقرأ أبو يحيى والأشهب العقيلي "جِبْلاً" بكسر الجيم وإسكان الباء وتخفيف اللام.
فهذه خمس قراءات.
قال المهدوي والثعلبي : وكلها لغات بمعنى الخلق.
النحاس : أبينها القراءة الأولى ؛ والدليل على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا ﴿ والجبلة الأولين ﴾ [ الشعراء : ١٨٤ ] فيكون "جِبلاًّ" جمع جِبِلّةٍ، والاشتقاق فيه كله واحد.
وإنما هو من جبل الله عز وجل الخلق أي خلقهم.
وقد ذُكِرت قراءة سادسة وهي :"وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِيلاً كَثِيراً" بالياء.
وحكي عن الضحاك أن الجيل الواحد عشرة آلاف، والكثير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل ؛ ذكره الماوردي.
﴿ أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ ﴾ عدواته وتعلموا أن الواجب طاعة الله.
﴿ هذه جَهَنَّمُ ﴾ أي تقول لهم خزنة جهنم هذه جهنم التي وعدتم فكذبتم بها.


الصفحة التالية
Icon