- أصحاب القرية قال العلماء بأخبار الأنبياء : بعث عيسى عليه الصلاة والسلام رسولين من الحواريين :(صادقا وصدوقا) فلما قربا من المدينة، رأيا شيخا يرعى غنيمات له، وهو حبيب النجار، فسأل عن حالهما، فقالا : نحن رسولا عيسى، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، فقال : أ معكما آية؟ فقالا : نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص، وكان له ابن مريض مدة سنتين، فمسحاه فقام، فآمن حبيب وفشا الخبر، فشفي على أيديهما خلق كثير، فدعاهما الملك وقال لهما : أ لنا إله سوى آلهتنا؟ قالا :
نعم، من أوجدك وآلهتك؟ فقال : حتى أنظر في أمركما فتبعهما الناس وضربوهما، وقيل : حبسوهما. ثم بعث عيسى (صلّى اللّه عليه وسلّم) شمعون، فدخل متنكرا، وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به، ورفعوا خبره إلى الملك، فأنس به، فقال له ذات يوم : بلغني أنك حبست رجلين، فهل سمعت قولهما؟ قال : لا، فدعاهما، فقال شمعون : من أرسلكما؟ قالا : اللّه الذي خلق كل شي ء، ورزق كل حي، وليس له شريك، فقال :
صفاه وأوجزا، قالا : يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. قال : وما آيتكما؟ قالا : ما يتمنى الملك، فدعا بغلام أكمه، فدعوا اللّه فأبصر الغلام. فقال له شمعون : أ رأيت، لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا، فيكون لك وله الشرف. قال الملك : ليس لي عندك سرّ، إن إلهنا لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع، ثم قال : إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به، فدعوا بغلام مات من سبعة أيام، فقام وقال : إني أدخلت في سبعة أودية من النار بسبب موتي على الشرك، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا، وقال : فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة. قال الملك ومن هم؟ قال :
شمعون وهذان، فتعجب الملك فلما رأى شمعون أن قوله قد أثّر فيه نصحه فآمن، وآمن معه قوم، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل عليه السلام فهلكوا.