وقال الزمخشري في صدد قوله تعالى :" فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " :" فإن قلت : فما تقول فيمن يقول :
إن قرأ قارئ أنا نعلم بالفتح انتقضت صلاته وإن اعتقد ما يعطيه من المعنى كفر؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما أن يكون على حذف لام التعليل وهو كثير في القرآن وفي الشعر وفي كل كلام وقياس مطّرد، وهذا معناه ومعنى الكسر سواء، وعليه تلبية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ان الحمد والنعمة لك، كسر أبو حنيفة وفتح الشافعي وكلاهما تعليل. والثاني أن يكون بدلا من قولهم كأنه قيل فلا
يحزنك أنا نعلم ما يسرون وما يعلنون، وهذا المعنى قائم مع المكسورة إذا جعلتها مفعولة للقول فقد تبين أن تعلّق الحزن بكون اللّه عالما وعدم تعلقه لا يدوران على كسر إن وفتحها وإنما يدوران على تقديرك، فتفصل إن فتحت بأن تقدر معنى التعليل ولا تقدر البدل كما أنك تفصل بتقدير معنى التعليل إذا كسرت ولا تقدر معنى المفعولية ثم إن قدرته كاسرا وفاتحا على ما عظم فيه من الخطب ذلك القائل فما فيه إلا نهي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الحزن على كون اللّه عالما بسرهم وعلانيتهم وليس النهي عن ذلك مما يوجب شيئا ألا ترى إلى قوله تعالى :" فلا تكونن ظهيرا للكافرين، ولا تكونن من المشركين، ولا تدع مع اللّه إلها آخر ".
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧٧ إلى ٨٣]


الصفحة التالية
Icon