وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) ﴾
هذه الآية قال فيها ابن جبير : إنها نزلت بسبب أن المعاصي بن وائل السهمي جاء إلى النبي ﷺ بعظم رميم ففته وقال : يا محمد من يحيي هذا؟ وقال مجاهد وقتادة : إن الذي جاء بالعظم النخر أمية بن خلف، وقاله الحسن ذكره الرماني، وقال ابن عباس : الجائي بالعظم هو عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال القاضي أبو محمد : وهو وهم ممن نسبه إلى ابن عباس لأن السورة والآية مكية بإجماع ولأن عبد الله بن أبي لم يجاهر قط هذه المجاهرة، واسم أبي هو الذي خلط على الرواة، لأن الصحيح هو ما رواه ابن وهب عن مالك، وقاله ابن إسحاق وغيره، من أن أبي بن خلف أخا أمية بن خلف هو الذي جاء بالعظم الرميم بمكة ففته في وجه النبي ﷺ وحياله، وقال من يحيى هذا يا محمد؟ ولأبي مع النبي ﷺ مقامات ومقالات إلى أن قتله يوم أحد بيده بالحربة بجرح في عنقه، وروي أن رسول الله ﷺ قال لأبي حين فت العظم " الله يحييه ويميتك ويحييك ويدخلك جهنم " ثم نزلت الآية مبينة ومقيمة للحجة في أن الإنسان نطفة ثم يكون بعد ذلك خصيماً مبيناً هل هذا إلا إحياء بعد موت وعدم حياة، وقوله ﴿ ونسي ﴾ يحتمل أن يكون نسيان الذهول ويحتمل أن يكون نسيان الترك، و" الرميم " البالي المتفتت، وهو الرفات ثم دلهم تعالى على الاعتبار بالنشأة الأولى، ثم عقب ذلك تعالى بدليل ثالث في إيجاد النار في العود الأخضر المرتوي ماء، وهذا هو زناد العرب والنار موجودة في كل عود غير أنها في المتخلخل المفتوح المسام أوجد، وكذلك هو المرخ والعفار، وأعاد الضمير على الشجر مذكراً من حيث راعى اللفظ فجاء كالتمر والحصا وغيره.


الصفحة التالية
Icon