الإمام مَنْ يُقْتَدى به، وقد حقَّق له هذا حتى خاطب جميع الخلائق إلى يوم القيامة بالاقتداء به فقال :﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحج : ٧٨] أي اتبعوا ملة إبراهيم يعني التوحيد، وقال :﴿وَاتَّخَذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى﴾.
هذا هو تحقيق الإمامة. ورتبة الإمامة أن يَفْهَم عن الحق ثم يُفْهِمَ الخَلق ؛ فيكون واسطة بين الحق والخَلْق، يكون بظاهره مع الخَلْق لا يفتر عن تبليغ الرسالة، وبباطنه مشاهدًا للحق، لا يتغير له صفاء الحالة، ويقول للخلْق ما يقوله له الحق.
قوله جلّ ذكره :﴿وَمِن ذُرِّيَّتِى﴾.
نطق بمقتضى الشفقة عليهم، فطلب لهم ما أُكرِم به. فأخبره أن ذلك ليس باستحقاق نَسَب، أو باستيجاب سبب، وإنما هي أقسام مضت بها أحكام فقال له :﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ﴾ وليس هذا كنعيم الدنيا وسعة الأرزاق فيها، فهي لا ادِّخَار لها عن أحد وإن كان كافرًا، ولذلك قال جلّ ذكره :﴿وَارزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ﴾.
فقال الله تعالى :﴿وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً﴾.
يعني ليس للدنيا من الخطر ما يمنعها عن الكفار، ولكن عهدي لا يناله إلا مَنْ اخترته مِنْ خواص عبادي. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١صـ ١٢١ ـ ١٢٢﴾


الصفحة التالية
Icon