ثم مكث إبراهيم عليه السلام ما شاء الله، ثم جاء ففتح بابه فإذا هو برجل جالس قال له : من أنت ؟ قال : إنما أنا ملك الموت. قال إبراهيم : إن كنت صادقاً فأرني آية أعرف أنك ملك الموت.
قال : اعرض بوجهك يا إبراهيم. قال : ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين، فرأى شيئاً من النور والبهاء لا يعلمه إلا الله، ثم قال : انظر فأراه الصورة التي يقبض فيها الكفار والفجار، فرعب إبراهيم عليه السلام رعباً حتى ألصق بطنه بالأرض، كادت نفس إبراهيم تخرج فقال : أعرف الذين أُمِرْتَ به فامض له.
فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف بإبراهيم، فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء، فلما رآه إبراهيم رحمه فأخذ مكتلاً ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله، ثم جاء فوضعه بين يديه فقال : كل... فجعل يضع ويريه أنه يأكل ويمجه على لحيته وعلى صدره، فعجب إبراهيم فقال : ما أبقت السن منك شيئاً كم أتى لك ؟ فحسب مدة إبراهيم فقال : امالي كذا وكذا... فقال إبراهيم : قد أتي لي هذا إنما انتظر أن أكون مثلك اللهم اقبضني إليك، فطابت نفس إبراهيم على نفسه وقبض ملك الموت نفسه تلك الحال.
وأخرج الحاكم عن الواقدي قال : ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة، ومن جبل يقال له قاسيون.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن أبي السكن الهجري قال : مات خليل الله فجأة، ومات داود فجأة، ومات سليمان بن داود فجأة، والصالحون، وهو تخفيف على المؤمن وتشديد على الكافر.
وأخرج " أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم عليه السلام ليقبض روحه، فقال إبراهيم : يا ملك الموت هل رأيت خليلاً يقبض روح خليله ؟ فعرج ملك الموت إلى ربه فقال : قل له : هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله ؟ فرجع قال : فاقبض روحي الساعة ".