لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
(من الآية ١٢٤ سورة البقرة)
فكأن إبراهيم بأعماله قد وصل الإمامية.. ولكن هذا لا ينتقل إلا للصالحين من عباده العابدين المسبحين. وقول الحق سبحانه :" لا ينال عهدي الظالمين" مقصود به اليهود الذين باعوا قيمهم الإيمانية بالمادة، وهو استقراء للغيب أنه سيأتي من ذرية إبراهيم من سيفسق ويظلم. ومن العجائب أن موسى وهارون عليهما السلام كانا رسولين.. الرسول الأصلي موسى وهارون جاء ليشد أزره لأنه فصيح اللسان.. وشاءت إرادة الله سبحانه أن تستمر الرسالة في ذرية هارون وليس في ذرية موسى.. والرسالة ليست ميراثا..
وقوله تعالى " لا ينال عهدي الظالمين".. فكأن عهد الله هو الذي يجذب صاحبه أي هو الفاعل.. نأتي بعد ذلك إلي مسألة الجنس والدم واللون.. بنوة الأنبياء غير بنوة الناس كلهم فالأنبياء اصطفاؤهم اصطفاء قيم وأبناؤهم هم الذين يأخذون منهم هذه القيم وليسوا الذين يأخذون الجنس والدم واللون.. ولو رجعنا إلي قصة نوح عليه السلام حين غرق ابنه.. رفع يديه إلي السماء وقال :
إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي
(من الآية ٤٥ سورة هود)
فرد عليه الحق سبحانه وتعالى فقال :
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
(من الآية ٤٦ سورة هود)
إن أهل النبوة هم الذين يأخذون القيم عن الأنبياء.. ولولا أن الحق سبحانه قال لنا " إنه عمل غير صالح".. لاعتقدنا أنه ربما جاء من رجل آخر أو غير ذلك.. ولكن الله يريدنا أن نعرف أن عدم نسبة ابن نوح إلي أبيه بسبب " إنه عمل غير صالح". أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ٥٦٩ ـ ٥٧٤﴾