وقال الفخر الرازى :
إن المفسرين ذكروا وجوهاً. أحدها : أن معنى :﴿طَهّرَا بَيْتِىَ﴾ ابنياه وطهراه من الشرك وأسساه على التقوى، كقوله تعالى :﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على تقوى مِنَ اللَّهِ﴾ [التوبة : ١٠٩]. وثانيها : عرفا الناس أن بيتي طهرة لهم متى حجوه وزاروه وأقاموا به، ومجازه : اجعلاه طاهراً عندهم، كما يقال : الشافعي رضي الله عنه يطهر هذا، وأبو حنيفة ينجسه. وثالثها : ابنياه ولا تدعا أحداً من أهل الريب والشرك يزاحم الطائفين فيه، بل أقراه على طهارته من أهل الكفر والريب، كما يقال : طهر الله الأرض من فلان، وهذه التأويلات مبنية على أنه لم يكن هناك ما يوجب إيقاع تطهيره من الأوثان والشرك، وهو كقوله تعالى :﴿وَلَهُمْ فِيهَا أزواج مُّطَهَّرَةٌ﴾ [البقرة : ٢٥] فمعلوم أنهن لم يطهرن من نجس بل خلقن طاهرات، وكذا البيت المأمور بتطهيره خلق طاهراً، والله أعلم. ورابعها : معناه نظفا بيتي من الأوثان والشرك والمعاصي، ليقتدي الناس بكما في ذلك. وخامسها : قال بعضهم : إن موضع البيت قبل البناء كان يلقى فيه الجيف والأقذار فأمر الله تعالى إبراهيم بإزالة تلك القاذورات وبناء البيت هناك، وهذا ضعيف لأن قبل البناء ما كان البيت موجوداً فتطهير تلك العرصة لا يكون تطهيراً للبيت، ويمكن أن يجاب عنه بأنه سماه بيتاً لأنه علم أن مآله إلى أن يصير بيتاً ولكنه مجاز.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ٤٧ ـ ٤٨﴾
سؤال : لم كان الخطاب فى هذه الآية ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾ لـ [إبراهيم ـ وإسماعيل] عليهما السلام وفى سورة الحج اختص بالخليل وحده فى قوله تعالى ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبراهيم مَكَانَ البيت﴾ [الحج : ٦ ٢] ؟
الجواب ما ذكره الآلوسى بقوله :