من فوائد الإمام الجصاص فى الآية
قال رحمه الله :
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ الْآيَةَ ؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَعْنَى " مَأْمُونٍ فِيهِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴾ يَعْنِي مَرْضِيَّةً.
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ " أَهْلَ الْبَلَدِ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ ﴾ مَعْنَاهُ : أَهْلَهَا ؛ وَهُوَ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ وَالْخَوْفَ لَا يَلْحَقَانِ الْبَلَدَ وَإِنَّمَا يَلْحَقَانِ مَنْ فِيهِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْأَمْنِ الْمَسْئُولِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ قَائِلُونَ : سَأَلَ الْأَمْنَ مِنْ الْقَحْطِ وَالْجَدْبِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنَ أَهْلَهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ وَلَا ضَرْعٍ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ الْأَمْنَ مِنْ الْخَسْفِ وَالْقَذْفِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ آمِنًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلُ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ سَأَلَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾.
وَقَوْلِهِ :﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾.