فخشى إبراهيم وهو يطلب لمن سيقيمون في مكة أن تكون استجابة الله سبحانه كالاستجابة السابقة.. كأن يقال له لا ينال رزق الله الظالمون فاستدرك إبراهيم وقال :" وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم".. ولكن الله سبحانه أراد أن يلفت إبراهيم إلي أن عطاء الألوهية ليس كعطاء الربوبية.. فإمامة الناس عطاء الوهية لا يناله إلا المؤمن، أما الرزق فهو عطاء ربوبية يناله المؤمن والكافرلأن الله هو الذي استدعانا جميعا إلي الحياة وكفل لنا جميعا رزقنا.. وكأن الحق سبحانه حين قال :" لا ينال عهدي الظالمين".. كان يتحدث عن قيم المنهج التي لا تعطي إلا للمؤمن ولكن الرزق يعطي للمؤمن والكافر.. لذلك قال الله سبحانه :" ومن كفر".. وفي هذا تصحيح مفاهيم بالنسبة لإبراهيم ليعرف أن كل من استدعاه الله تعالى للحياة له رزقه مؤمنا كان أو كافرا والخير في الدنيا على الشيوع. فمادام الله قد استدعاك فإنه ضمن لك رزقك.
إن الله لم يقل للشمس أشرقي على أرض المؤمن فقط، ولم يقل للهواء لا يتنفسك ظالم وإنما أعطى نعمة استبقاء الحياة واستمرارها لكل من خلق آمن أو كفر.. ولكن من كفر قال عنه الله سبحانه وتعالى :" ومن كفر فأمتعة قليلا".. التمتع هو شيء يحبه الإنسان ويتمنى دوامه وتكراره. وقوله تعالى :" فأمتعه" دليل على دوام متعته، أي له المتعة في الدنيا. ولكل نعمة متعة، فالطعام له متعة والشراب له متعة والجنس له متعة.. إذن التمتع في الدنيا بأشياء متعددة. ولكن الله تبارك وتعالى وصفه بأنه قليل.. لأن المتعة في الدنيا مهما بلغت وتعددت ألوانها فهي قليلة.