وقال أيضاً أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون " يَتْلُونَهُ " خبراً ؛ لئلا يلزم منه أنّ كل مؤمن يتلو الكتاب حَقَّ تلاوته بأي تفسير فسرت التلاوة قال أبو حيان : ونقول : ما لزم من الامتناع مِنْ جَعْلِهَا خبراً يلزم من جعلها حالاً ؛ لأنه ليس كل مؤمن على حال التلاوة بأي تفسير فسرت التلاوة.
قوله تعالى :" حَقَّ تِلاَوَتِهِ " فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه نصب على المصدر وأصله :" تلاوةً حقًّا " ثم قدم الوصف، وأضيف إلى المصدر، وصار نظير " ضربت شديد الضرب " أي : ضَرْباً شديداً. فلما قدم وصف المصدر نصب نصبه.
الثاني : أنه حال من فاعل " يَتْلُونَهُ " أي : يتلونه محقين.
الثالث : أنه نعت مصدر محذوف.
وقال ابن عطية : و" حَقَّ " مصدر، والعامل فيه فعل مضمرن وهو بمعنى " أفعل "، ولا تجوز إضافته إلى واحد معرف، إنما جازت هنا ؛ لأن تَعَرُّفَ التلاوة بإضافتها إلى الضمير ليس بتعرف محض، وإنما هو بمنزلة قولهم : رجل وَاحِدُ أُمِّه وَسِيجُ واحده يعني : أنه في قوة " أفعل " التفضيل بمعنى أحقّ التلاوة، وكأنه يرى أن إضافة " أفعل " غير محضة، ولاحاجة إلى تقدير عامل فيه ؛ لأن ما قبله يطلبه. والضمير في " به " فيه أربعة أقوال :
أحدهما وهو الظاهر : عوده على الكتاب.
الثاني : عوده على الرسول، قالوا :" ولم يَجْرِ له ذكر لكنه معلوم "، ولا حاجة إلى هذا الاعتذار، فإنه مذكور في قوله :﴿ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ [ البقرة : ١١٩ ]، إلا أن فيه التفاتاً من خطاب إلى غيبة.
الثالث : أنه يعود على الله تعالى، وفيه التفات أيضاً من ضيمر المتكلّم المعظم في قوله :" أَرْسَلْنَاكَ " إلى الغيبة.
الرابع : قال ابن عطية : إنه يعود على " الهدى " وقرره بكلام حسن. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٤٣٩ ـ ٤٤٠﴾. بتصرف يسير.