و معلوم أن آل محمد ومذهب الحق متقدمان عليه لا متأخران، ولم يأت ذكر محمد صلّى اللّه عليه وسلم في هذه الآيات فلا محل للقول بذلك، قال تعالى في وصف إبراهيم عليه السلام مذكرا رسوله محمد به فكأنه قال واذكر لقومك "إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ٨٤" من الشك في الوحدانية والريب في البعث والمرية في النبوة "إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ ٨٥" استفهام توبيخ وتقريع لأنه رآهم يعبدون الأصنام والكواكب، وقد أراده على ذلك، فأبى وقال "أَ إِفْكاً آلِهَةً" أي تختلقون أشياء وتسمونها آلهة والإفك أسوء الكذب وآلهة بدل من الإفك "دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ٨٦" قدم المفعول للاعتناء به، لأن المقصود الاعتراف به أو إنكاره "فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ٨٧" أن يفعل بكم إذا لقيتموه غدا وأنتم تعبدون غيره، أخبروني أيها القوم، وقد شاع قوله هذا لهم حتى بلغ ملكهم فأرسل إليه أن غدا عيدنا فاحضر معنا لزيارة الآلهة، لأن هذه التشريفات التي تعارفها الناس في الأعياد والأيام الرسمية قديمة اقتبسها الأواخر عن الأوائل، ولهذا السبب لما طلب فرعون من موسى تعيين يوم للمباراة مع السحرة عين لهم يوم العيد، راجع الآية ٥٩ من سورة طه في ج ١، فلما جاءته دعوة الملك استشعر هطول الفرصة لحصول ما عسى أن يكون سببا لتوحيدهم، وأراد أن يعتذر عن الحضور على وجه لا ينكرونه عليه "فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ٨٨" تأمل نوعا من التأمل في أحوالها وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في


الصفحة التالية
Icon