واعلم أن ما احتج به أهل الهيئة من أن اللّه تبارك وتعالى قد فخم من قدر النجوم يحلفه بها تارة ومدحه لها أخرى في القرآن العظيم لا يفهم منه أن اللّه تعالى إنما عدد ذكرها في مواضع كثيرة في القرآن لأن لها تأثيرا، كلّا، بل لعظمها وكونها دالة على إلهيته، واللّه تعالى ذكر الأنبياء في القرآن أكثر من غيرهم، فهل يقال إنما ذكرهم لما لهم من التأثير بذواتهم المقدسة، كلا وانما لعظم مقامهم عنده وتعظيما لشأنهم عند أقوامهم، لأنهم الواسطة لهداية البشر حتى أنهم مع جلالة قدرهم لا يملكون الشفاعة لأنفسهم وأولادهم وأزواجهم إلا بإذن اللّه القائل "فَلَمَّا أَسْلَما" خضع الأب وابنه لأمر اللّه وانقادا لتنفيذه وعزما على اجرائه عزما جازما باشره الأب "وَتَلَّهُ" أي جرّه "لِلْجَبِينِ ١٠٣" بأن صرع الأب ابنه على الأرض وألصق جبينه بها ووضع السكين على حلقه وأمرها إمرارا قاسيا يقصد ذبحه دون تعذيبه بامرارها كثيرا، ولكنها لم تذبح رغما لشدة حزّها على محل الذبح منه بقوة وجلادة إطاعة لأمر اللّه، وكان قبل حدها حرار حتى رآها أنها تقطع حلقوم الجمل بامرارها عليه مرة واحدة، وهذا دليل قاطع على أن المؤثر الحقيقي في كل شيء هو اللّه تعالى لأن السكين الحادة لا يعقل أنها لا تقطع اللحم كما أن النار لا يعقل أنها لا تحرقه، ولكن اللّه تعالى إذا لم يضع فيها قوة الذبح لا تذبح وكذلك لا تحرق ولما رأى الخليل عليه السلام عدم تمكنه


الصفحة التالية
Icon