مطلب من هو الذبيح وأنه لا يلزم من فضل الأب فضل الابن وبالعكس وأن الفرع السيء والأصل السيء لا يعد عيبا ومعنى خضراء الدمن وبقية القصة :
وهذه الآية مما تدل على أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام دلالة كافية، لأنه بعد أن قص اللّه تعالى علينا الابتلاء بالذبح وتنفيذ أمره فيه وفدائه له ذكر
إسحق كما ستقف عليه بعد قليل "وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ" ابنه الثاني من السيدة سارة بنت عمه والأول إسماعيل من الجارية هاجر "وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما" ذرية إبراهيم وإسحق قالوا أخرج من صلبهما الف نبي أولهم يعقوب وآخرهم عيسى عليهم السلام "مُحْسِنٌ" لنفسه ولغيره أنبياء وأولياء "وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ١١٣" بين ظلمه بتعديه حدود اللّه أي أن من ذريتهما كفرة ظلمة عصاة أيضا، ومن هنا يعلم أنه لا يلزم من فضل الأب فضل الابن وبالعكس، فقد يكون الأب نبيا والولد كافرا كنوح عليه السلام وابنه كنعان، وإبراهيم عليه السلام وأبيه آزر.
وفيها تنبيه على أن الخبث والطيب لا يجري أمرهما على العرف والعنصر، فقد يلد البر الفاجر والفاجر البر وهذا مما يهدم أمر الطبائع والعناصر وأن العقب السيء لم يعد عيبا ولا نقيصة على أصله وإنما ينحصر في النّاقص والعيب بالمعيب، كما أن الأصل لا يعد عيبا على الفرع من حيث الكفر وغيره ولا ينطبق هذا على قوله صلّى اللّه عليه وسلم إياكم وخضراء الدمن فان العرق دساس فإن هذا خاص بمن ضرب على أصلها بفاحشة خشية أن يقتص منها عنده لقوله صلى اللّه عليه وسلم من زنى زني به ولو بحيطان داره أي لا ينجو من القصاص البتة ألا فليتق اللّه من أراد أن يحافظ على عرضه وأن الشرف يكون فيمن كان آباؤه إسلاما أكثر فهو أشرف ممن آباؤه إسلاما أقل.


الصفحة التالية
Icon