فقال تعالى مجاوبا لهم عن نبيه "أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ١٧٦" كفرة قومك وهذا استفهام على طريق التوبيخ بسبب استعجالهم ما فيه بؤسهم وشقاؤهم "فَإِذا نَزَلَ" العذاب "بِساحَتِهِمْ" فناء دورهم والساحة المكان المتسع أيضا العرصة الكبيرة أمام الدور "فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ ١٧٧" بئس الصباح صباحهم وساء
المساء مساؤهم، روى البخاري ومسلم عن أنس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم غزا خيبر فلما دخل القرية قال : اللّه أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، قالها ثلاثا، وقد فتح اللّه عليه ففتحها، قال تعالى "وَتَوَلَّ عَنْهُمْ" يا حبيبي "حَتَّى حِينٍ ١٧٨" انقضاء الأجل المقدر لنصرتك عليهم "وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ١٧٩" كررت هذه الجملة تسلية لحضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم على تسليته الأولى وتأكيدا لوقوع الوعد إلى تأكيده الأول وقيل لا تكرار لأن الآية الأولى في عذاب الدنيا وهذه في الآخرة والأول أولى، ثم نزه ذاته الكريمة ثانيا وهي أهل للتنزيه في كل لحظة فقال "سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ" الغلبة والعظمة والقدرة والجبروت "عَمَّا يَصِفُونَ ١٨٠" هؤلاء الكفرة ربهم وخالقهم ومالك أمرهم ومربيهم مما لا يليق بجنابه العظيم هذا
"وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ١٨١" جميعهم من آدم إلى محمد صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين "وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ١٨٢" على إهلاك الأعداء ونصرة الأولياء، وفي هذه الآية تعليم لعباده بأن يختموا كلامهم بحمد ربهم في الدنيا لأنه خاتمة كلام أهل الجنة وقد ختمت سورة الزمر الآتية بمثل هذه الآية، وجاء في سورة يونس المارة الآية ١٠ (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).


الصفحة التالية
Icon