قوله :﴿بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ﴾ وفى الذارايت ﴿عَلِيمٍ﴾ وكذلك فى الحِجْر، لأَنَّ التقدير : بغلام حليم فى صباه، عليم فى كِبره، وخُصّت هذه السّورة.
بحليم ؛ لأَنه - عليه السّلام - حَلُم فانقاد وأَطاع، وقال :﴿ياأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ والأَظهر أَنَّ الحليم إِسماعيل، والعليم إِسحق ؛ لقوله :﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا﴾ قال مجاهد : الحليم والعليم إِسماعيل.
وقيل : هما فى السّورتين إِسحق.
وهذا عند من زعم أَنَّ الذبيح إِسحق.
قوله :﴿وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ ثمّ قال :﴿وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ كرّر وحذف الضمير من الثانى ؛ لأَنه لمَّا نَزَل ﴿وَأَبْصِرْهُمْ ﴾ قالوا : متى هذا الذى تُوعدنا به؟ فأَنزل الله ﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ﴾ ثم كرّر تأْكيداً.
وقيل : الأُولى فى الدّنيا، والثانية فى العُقْبى.
والتقدير : أَبصر ما ينالهم، وسوف يبصرون ذلك.
وقيل : أَبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون معاينةً.
وقيل :
أَبصر ما ضيّعوا من أَمرنا فسوف يبصرون ما (يحل بهم) وحُذِف الضّمير من الثانى اكتفاءً بالأَوّل.
وقيل : التقدير : ترى اليوم (عِيرهم إِلى ذلّ) وترى بعد اليوم ما تحتقِر ما شاهدتهم فيه من عذاب الدّنيا.
وذكر فى المتشابه :﴿فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ بالفاءِ، وفى الذارايات ﴿قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ بغير فاء ؛ لأَنَّ ما فى هذه السّورة ﴿جملة اتَّصلت) بخمس جمل كلّها مبدوءَة بالفاءِ على التَّولى، وهى :{فَمَا ظَنُّكُم﴾ الآيات، والخطاب للأَوثان تقريعاً لمن زعم أَنَّها تأْكل وتشرب، وفى الذاريات متَّصل بمضمر تقديره : فقرّبه إِليهم، فلم يأْكلوا فلمّا رآهم لا يأْكلون، ﴿قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ والخطاب للملائكة.
فجاءَ فى كلّ موضع بما يلائمه. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ٣٩٤ ـ ٣٩٨﴾


الصفحة التالية
Icon