هذه الأسطورة تتعرض لحملة قوية في هذه السورة ; تكشف عن تهافتها وسخفها. ونظراً لأنها هي الموضوع البارز الذي تعالجه السورة، فإنها تبدأ بالإشارة إلى طوائف من الملائكة:(والصافات صفاً. فالزاجرات زجراً. فالتاليات ذكراً).. ويتلوها حديث عن الشياطين المردة، وتعرضهم للرجم بالشهب الثاقبة كي لا يقربوا من الملأ الأعلى. ولا يتسمعوا لما يدور فيه ; ولو كانوا حيث تزعم لهم أساطير الجاهلية ما طوردوا هذه المطاردة ! كذلك يشبه ثمار شجرة الزقوم التي يعذب بها الظالمون في جهنم بأنها كرؤوس الشياطين في معرض التقبيح والتفظيع ! وفي نهاية السورة تأتي الحملة المباشرة على تلك الأسطورة المتهافتة: فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون ؟ أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون ؟ ألا إنهم من إفكهم ليقولون: ولد الله وإنهم لكاذبون. أصطفى البنات على البنين ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟ أفلا تذكرون ؟ أم لكم سلطان مبين ؟ فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين. وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون.. سبحان الله عما يصفون !..
وإلى جانب علاج هذه الصورة الخاصة من صور الشرك الجاهلية تتناول السورة جوانب العقيدة الأخرى التي تتناولها السور المكية. فتثبت فكرة التوحيد مستدلة بالكون المشهود:(إن إلهكم لواحد رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق).. وتنص على أن الشرك هو السبب في عذاب المعذبين في ثنايا مشهد من مشاهد القيامة (فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون. إنا كذلك نفعل بالمجرمين. إنهم كانوا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله يستكبرون ; ويقولون: أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ؟ بل جاء بالحق وصدق المرسلين. إنكم لذائقوا العذاب الأليم. وما تجزون إلا ما كنتم تعملون..