وإنما اختاروا الإضَافة فى الاسم المكنّى لأنَهُ يخلتط بمَا قبله. فيصِير الحرفان كالحرف الواحد. فلذلكَ اسْتحبُّوا الإضَافة فى المكنّى، وقالوا: هما ضاربانِ زيداً، وضاربَا زيدٍ ؛ لأن زيدا فى ظهوره لا يختلط بمَا قبله ؛ لأنه ليسَ بحرفٍ وَاحِدٍ والمكنّى حرف.
فأمّا قوله ﴿فأُطْلِعَ﴾ فإنه يكون عَلى جهة فُعِل ذلكَ به، كَمَا تقول: دعَا فأجيب يَا هذا. ويكون: هَل أنتم مُطْلِعونِ فأَطَّلِعَ أنا فيَكون منصوباً بجوابِ الفاء.
﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ﴾
وقوله: ﴿شَجَرَةٌ تَخْرُجُ...﴾
وهى فى قراءة عبدالله (شجرة نابتة فى أصْل الجحيم).
﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾
وقوله: ﴿كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ...﴾
فإن فيه فى العربيَّة ثلاثة أوجه. أحدها أن تشبِّه طَلْعها فى قبحه برءوس الشيَاطين ؛ لأنها موصوفه بالقبح، وإن كانت لا تُرى. وأنت قائل للرجل: كأنّه شيطان إذا استقبحته. والآخر أن العرب تسمّى بعض الحيّات شيطاناً. وهو حَيّة ذو عُرْف.
قال الشاعر، وهو يذمّ امرأة له:
عنجرد تحلف حين أحلف * كمِثْل شيطانِ الحَمَاط أعرف
ويقال: إنه نبت قبيح يسمّى برءوس الشياطين. والأوجه الثلاثة يذهب إلى معنىً وَاحِدٍ فى القبحِ.
﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾
وقوله: ﴿لَشَوْباً...﴾
الخَلْط يقال: شاب الرجل طعَامه يشوبُه شَوْباً.
﴿ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ﴾
وقوله: ﴿فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ...﴾
أى يسرعونَ بسيرهم. والإهراع: الإسْرَاع فيه، شبيه بالرِّعدة (ويقال قد أُهْرِع إهراعاً).
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ﴾
وقوله: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ...﴾