قرأهَا الأعمش ﴿يُزِفُّونَ﴾ كأنها من أَزففت. ولم نسمعهَا إلاّ زَفَفْت: تقول للرجل: جاءنا يَزِفّ. ولعلّ قراءة الأعمش من قول العرب: قد أطردْت الرجل أى، صيّرته طريداً، وطََردته إذا أنت قلت له: اذهب عنّا فيكون ﴿يُزِفّون﴾ أَى جَاءوا عَلى هذه الهيئة بمنزلة المزفوفة على هذه الحَال فتدخل الألف ؛ كما تقول للرجل: هو محمودٌ إذا أظهرتَ حمده، وهو مُحْمَد إذا رأيتَ أَمره إلى الحمد ولم تنشُر حمده. قال وأنشدنى المفضّل:
تمنَّى حُصَين أن يسود جِذَاعَه * فأَمْسَى حُصَين قد أَذَلّ وأَقْهَرَا
فقال: أَقْهَرَ أى صَار إلى حَالِ القهر وإنما هو قُهِرَ. وقرأ الناس بعدُ ﴿يَزِفُّونَ﴾ بفتح اليَاء وكسر الزاى وقد قرأ بعض القراء ﴿يَزِفونَ﴾ بالتخفيف كأنها من وَزَف يَزف وزعم الكسَائى أَنه لا يعرفها. وقال الفراء: لا أعرفها أيضاً إلاّ أَن تكون لم تقع إلينَا.
﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
وقوله: ﴿هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ...﴾
ولم يقل: صَالحاً، فهذا بمنزلة قوله: ادْنُ فأصِبْ من الطعام، وهو كثير: يجْتزأ بِمن عن المضمر ؛ كما قال الله ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ ولم يقل: زاهدينَ من الزاهدين.
﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ ﴾
وقوله: ﴿بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ...﴾
يريد: فى كِبَره.
﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ ياأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾
وقوله: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ...﴾


الصفحة التالية
Icon