فلا أبدع ولا أحسن من مرآها جل الإله الذي براها، وللكواكب فوائد جمة غير الزينة والضياء لمعرفة الجهات والمواسم والتأثيرات التي أودعها اللّه فيها مما عرفه الإنسان ومما لم يعرفه "وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ" ٧ عات إذ يرمى منها بشهب محرقة لأجل أن "لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى " من الملائكة الذين يتلقون كلام ربهم المقدس فينقلون ما يسمعونه إلى الكهنة والسحرة فيتكلمون بها إلى الناس ويوهمونهم بأنهم يعلمون الغيب "وَيُقْذَفُونَ" أولئك المتسمعون بشهبها "مِنْ كُلِّ جانِبٍ ٨" من آفاق السماء فيطردونهم طردا ويدحرونهم "دُحُوراً" فيبعدونهم عن مجالس الملائكة، وهذا عذابهم في الدنيا "وَلَهُمْ" في الآخرة "عَذابٌ واصِبٌ ٩" دائم شديد لا ينقطع، قال أبو الأسود الدؤلي :
لا أشتري الحمد القليل بقاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصبا
"إِلَّا مَنْ" أي الشيطان الذي "خَطِفَ الْخَطْفَةَ" منهم بأن أخذ الكلام بسرعة زائدة "فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ" بشدة قوته، فإما يحرقه فيهلكه أو يخبله، ومع هذا كله فإنهم يعودون لاستراق السمع الكرة تلو الكرة طمعا في السلامة من إصابة الشهب ورجاء لنيل المقصود، ولو لا الأمل ما خاطر أحد في تجارة برا ولا بحرا ولا في زراعة بعلا ولا سقيا ولبطل عمل ابن آدم فضلا عن الشياطين.
وهنا معجزة من معجزات القرآن إذ لا يعلم أحد أن النجوم الصغار في سماء محيطنا قبل توسع علم الهيئة غير اللّه تعالى القائل


الصفحة التالية
Icon