لأنه أنسب بالمقام وما يخطر الذهن أنه بمعنى الجهة لا طائل تحته، وإن كانت جهة اليمين مرجحة على جهة اليسار ومشرفة عليها جاهلية وإسلاما إلا أن الإخلال الذي جاءهم من قبل رؤسائهم سواء كانوا يتكلمون معهم به من جهة يمينهم أو شمالهم فهو على حد سواء وليس مما يوجب أن يعاتب عليه في مثل هذا المقام "قالُوا" الرؤساء مجاوبين أتباعهم : ليس الأمر كما تقولون "بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٢٩" من الأصل وقد أصررتم على الكفر بالرسل باختياركم وطوعكم "وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ" قوة قاهرة كما زعمتم وهذا مما يؤيد التفسير الأول بأن اليمين بمعنى القوة والقهر "بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ ٣٠" فطرة متجاوزين الحد لأنا دعوناكم فتبعتمونا رضا لا كرها
"فَحَقَّ" وجب "عَلَيْنا" نحن وأنتم "قَوْلُ رَبِّنا" وعيده بالعذاب الذي هددنا به رسله في الدنيا ولذلك "إِنَّا لَذائِقُونَ ٣١" وباله الآن لا محالة ثم اعترضوا لهم بقولهم "فَأَغْوَيْناكُمْ" بالدنيا ودعوناكم لمعصية الرسل وطاعتنا في الضلال حقا، والسبب :"إِنَّا كُنَّا غاوِينَ ٣٢" ضالين وأردناكم لتكونوا مثلنا.
قال تعالى "فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ" في الآخرة يكونون "فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ٣٣" كما اشتركوا بالغواية في الدنيا "إِنَّا كَذلِكَ"


الصفحة التالية
Icon