ولما كان التقدير : لأنهم يطردون طرداً قوياً، دل عليه بالعاطف في قوله :﴿ويقذفون﴾ أي الشياطين يرمون رمياً وحياً شديداً يطردون به، وبني للمفعول لأن النافع قذفهم لا تعيين قاذفهم، مع أنه أدل على القدرة الإلهية عزت وجلت ﴿من كل جانب﴾ أي من جوانب السماوات بالشهب إذا قصدوا السماع بالاستراق ﴿دحوراً﴾ أي قذفاً يردهم مطرودين صاغرين مبعدين، فهو تأكيد للقذف بالمعنى أو مفعول له أو حال.
ولما كان هذا ربما سبباً لأن يظن ظان أنهم غير مقدور عليهم في غير هذه الحالة بغير هذا النوع أخبر أنهم في قبضته، وإنما جعل حالهم هذا فتنة لمن أراد من عباده، فقال معبراً باللام التي يعبر بها غالباً عن النافع تهكماً بهم :﴿ولهم عذاب﴾ أي في الدنيا بهذا وبغيره، وفي الآخرة يوم الجمع الأكبر ﴿واصب﴾ أي دائم ممرض موجع كثير الإيجاع مواظب على ذلك ثابت عليه وإن افترق الدوامان في الاتصال والعظم والشدة والألم.