فصل


قال الفخر :
﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) ﴾
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ أبو عمرو وحمزة ﴿والصافات صَفَّا﴾ بإدغام التاء فيما يليه، وكذلك في قوله :﴿فالزجرات زَجْراً فالتاليات ذِكْراً﴾ والباقون بالإظهار، وقال الواحدي رحمه الله : إدغام التاء في الصاد حسن لمقاربة الحرفين، ألا ترى أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا يسمعان في الهمس، ولامدغم فيه يزيد على المدغم بالإطباق والصفير، وإدغام الأنقص في الأزيد حسن، ولا يجوز أن يدغم الأزيد صوتاً في الأنقص، وأيضاً إدغام التاء في الزاي في قوله :﴿فالزجرات زَجْراً﴾ حسن لأن التاء مهموسة والزاي مجهورة وفيها زيادة صفير كما كان في الصاد، وأيضاً حسن إدغام التاء في الذي في قوله :﴿فالتاليات ذِكْراً﴾ لاتفاقهما في أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا، وأما من قرأ بالإظهار وترك الإدغام فذلك لاختلاف المخارج، والله أعلم.
المسألة الثانية :
في هذه الأشياء الثلاثة المذكورة المقسم بها يحتمل أن يتكون صفات ثلاثة لموصوف واحد، ويحتمل أن تكون أشياء ثلاثة متباينة، أما على التقدير الأول ففيه وجوه الأول : أنها صفات الملائكة، وتقديره أن الملائكة يقفون صفوفاً.
إما في السموات لأداء العبادات كما أخبر الله عنهم أنهم قالوا :﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون﴾ [ الصافات : ١٦٥ ] وقيل إنهم يصفون أجنحتهم في الهواء يقفون منتظرين وصول أمر الله إليهم، ويحتمل أيضاً أن يقال معنى كونهم صفوفاً أن لكل واحد منهم مرتبة معينة ودرجة معينة في الشرف والفضيلة أو في الذات والعلية وتلك الدرجة المرتبة باقية غير متغيرة وذلك يشبه الصفوف.


الصفحة التالية
Icon