﴿ مِن دُونِ الله ﴾ من الأصنامِ ونحوِها زيادةً في تحسيرهم وتخجيلهم. قيل هو عامٌ مخصوصٌ بقوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى ﴾ الآيةَ الكريمةَ وأنت خبيرٌ بأنَّ الموصولَ عبارةٌ عن المشركين خاصَّةً جيء به لتعليل الحكمِ بما في حيِّزِ صلتهِ فلا عمومَ ولا تخصيصَ. ﴿ فاهدوهم إلى صراط الجحيم ﴾ أي عرِّفُوهم طريقها ووجِّهوهم إليها وفيه تهكُّمٌ بِهم ﴿ وَقِفُوهُمْ ﴾ احبِسُوهم في الموقف كأنَّ الملائكة سارعُوا إلى ما أُمروا به من حشرِهم إلى الجحيم فأُمروا بذلك وعُلِّل بقوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ إيذاناً من أوَّلِ الأمرِ بأنْ ذلك ليس للعفو عنهم ولا ليستريحُوا بتأخيرِ العذابِ في الجملة بل ليُسألوا لكن لا عن عقائدهم وأعمالهم كما قيل فإنَّ ذلك قد وقع قبل الأمرِ بهم إلى الجحيمِ بل عمَّا ينطقُ به قوله تعالى :﴿ مَا لَكُمْ لاَ تناصرون ﴾ بطريق التَّوبيخِ والتَّقريعِ والتَّهكُّمِ، أي لا ينصرُ بعضُكم بعضاً كما كنتُم تزعمون في الدُّنيا. وتأخيرُ هذا السُّؤالِ إلى ذلك الوقتِ لأنَّه وقتُ تنجُّزِ العذابِ وشدَّةِ الحاجةِ إلى النُّصرةِ وحالة انقطاعِ الرَّجاءِ عنها بالكُلِّية، فالتَّوبيخُ والتَّقريعُ حينئذٍ أشدُّ وقعاً وتأثيراً. قُرىء لا تَتَناصرون، ولا تنَّاصرُون بالإدغامِ ﴿ بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ مُنقادون خاضعُون لظهورِ عجزهم وانسدادِ بابِ الحِيلِ عليهم أو أسلم بعضُهم بعضاً وخذله عن عجزٍ فكلُّهم غيرُ منتصرٍ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾