أما دلالة أحوال السموات والأرض على وجود الإله القادر العالم الحكيم، وعلى كونه واحداً منزهاً عن الشريك فقد سبق تقريرها في هذا الكتاب مراراً وأطواراً وأما قوله تعالى :﴿وَرَبُّ المشارق﴾ فيحتمل أن يكون المراد مشارق الشمس قال السدي : المشارق ثلاثمائة وستون مشرقاً وكذلك المغارب فإنه تطلع الشمس كل يوم من مشرق وتغرب كل يوم في مغرب، ويحتمل أن يكون المراد مشارق الكواكب لأن لكل كوكب مشرقاً ومغرباً، فإن قيل لم أكتفى بذكر المشارق ؟ قلنا لوجهين الأول : أنه اكتفى بذكر المشارق كقوله :﴿تَقِيكُمُ الحر﴾ [ النحل : ٨١ ] والثاني أن الشرق أقوى حالاً من الغروب وأكثر نفعاً من الغروب فذكر الشرق تنبيهاً على كثرة إحسان الله تعالى على عباده، ولهذه الدقيقة استدل إبراهيم عليه السلام بالمشرق فقال :﴿فَإِنَّ الله يَأْتِى بالشمس مِنَ المشرق﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ].
المسألة الخامسة :
احتج الأصحاب بقوله تعالى :﴿رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ على كونه تعالى خالقاً لأعمال العباد، قالوا : لأن أعمال العباد موجود فيما بين السموات والأرض، وهذه الآية دالة على أن كل ما حصل بين السموات والأرض فالله ربه ومالكه، فهذا يدل على أن فعل العبد حصل بخلق الله، وإن قالوا : الأعراض لا يصح وصفها بأنها حصلت بين السموات والأرض لأن هذا الوصف إنما يليق بما يكون حاصلاً في حيز وجهة والأعراض ليست كذلك، قلنا : إنها لما كانت حاصلة في الأجسام الحاصلة بين السموات والأرض فهي أيضاً حاصلة بين السماء والأرض.
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦)
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon