السؤال الأول : هذه الشهب هل هي من الكواكب التي زين الله السماء بها أم لا ؟ والأول باطل لأن هذه الشهب تبطل وتضمحل فلو كانت هذه الشهب تلك الكواكب الحقيقية لوجب أن يظهر نقصان كثير من أعداد كواكب السماء، ومعلوم أن هذا المعنى لم يوجد ألبتة فإن أعداد كواكب السماء باقية في حالة واحدة من غير تغير ألبتة، وأيضاً فجعلها رجوماً للشياطين مما يوجب وقوع النقصان في زينة السماء فكأن الجمع بين هذين المقصودين كالمتناقض، وأما القسم الثاني : وهو أن يقال إن هذه الشهب جنس آخر غير الكواكب المركوزة في الفلك فهذا أيضاً مشكل لأنه تعالى قال في سورة :﴿تَبَارَكَ الذى بِيَدِهِ الملك﴾ [ الملك : ١ ]، ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رُجُوماً للشياطين﴾ [ الملك : ٥ ] فالضمير في قوله :﴿وجعلناها﴾ عائد إلى المصابيح، فوجب أن تكون تلك المصابيح هي الرجوع بأعيانها من غير تفاوت، والجواب أن هذه الشهب غير تلك الثواقب الباقية، وأما قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رُجُوماً للشياطين﴾ [ الملك : ٥ ] فنقول كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصابيح لأهل الأرض إلا أن تلك المصابيح منها باقية على وجه الدهر آمنة من التغير والفساد، ومنها ما لا يكون كذلك، وهي هذه الشهب التي يحدثها الله تعالى ويجعلها رجوماً للشياطين، وبهذا التقدير فقد زال الإشكال، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon