وإما لأنها تزجر عن المعاصي بالمواعظ والنصائح.
وقال قتادة : هي زواجر القرآن.
﴿ فالتاليات ذِكْراً ﴾ الملائكة تقرأ كتاب الله تعالى ؛ قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وابن جُبير والسّدي.
وقيل : المراد جبريل وحده فذكر بلفظ الجمع ؛ لأنه كبير الملائكة فلا يخلو من جنود وأتباع.
وقال قتادة : المراد كل من تلا ذكر الله تعالى وكتبه.
وقيل : هي آيات القرآن وصفها بالتلاوة كما قال تعالى :﴿ إِنَّ هذا القرآن يَقُصُّ على بني إِسْرَائِيلَ ﴾ [ النمل : ٧٦ ].
ويجوز أن يقال لآيات القرآن تاليات ؛ لأن بعض الحروف يتبع بعضاً ؛ ذكره القشيري.
وذكر الماوردي : أن المراد بالتَّاليات الأنبياء يتلون الذكر على أممهم.
فإن قيل : ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات؟ قيل له : إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود ؛ كقوله :
يَالَهْفَ زَيَّابَةَ للحارثِ الص...
ابِح فالغَانِم فالآيِبِ
كأنه قال : الذي صَبَّحَ فغَنِم فآب.
وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك : خذ الأفضل فالأكمل، واعمل الأحسن فالأجمل.
وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك كقوله : رحم الله المحلِّقين فالمقصِّرين.
فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات ؛ قاله الزمخشري.
"إِنَّ إلهاكم لَوَاحِدٌ" جواب القسم.
قال مقاتل : وذلك أن الكفار بمكة قالوا اجعل الآلهة إلها واحداً، وكيف يسع هذا الخلق فرد إله! فأقسم الله بهؤلاء تشريفاً.
ونزلت الآية.
قال ابن الأنباري : وهو وقف حسن، ثم تبتدىء ﴿ رَّبُّ السماوات والأرض ﴾ على معنى هو رب السموات.
النحاس : ويجوز أن يكون "رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ" خبراً بعد خبرٍ، ويجوز أن يكون بدلاً من "وَاحِدٌ".
قلت : وعلى هذين الوجهين لا يوقف على "لَوَاحدٌ".
وحكى الأخفش :"رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الْمَشَارِقِ" بالنصب على النعت لاسم إن.