وقال ابن عباس في قوله تعالى :﴿ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ فاطلع فَرَآهُ ﴾ إنّ في الجنة كُوًى ينظر أهلها منها إلى النار وأهلِها.
وكذلك قال كعب فيما ذكر ابن المبارك، قال : إن بين الجنة والنار كُوًى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ كان له في الدنيا اطلع من بعض الكوى ؛ قال الله تعالى :﴿ فاطلع فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الجحيم ﴾ أي في وسط النار والحسَكُ حواليه ؛ قاله ابن مسعود.
ويقال : تعبت حتى انقطع سَوَائي : أي وسطي.
وعن أبي عبيدة : قال لي عيسى بن عمر : كنت أكتب يا أبا عبيدة حتى ينقطع سَوَائي.
وعن قتادة قال قال بعض العلماء : لولا أن الله جل وعز عرَّفه إياه لما عرفه، لقد تغيرّ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ.
فعند ذلك يقول :﴿ تالله إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ ﴾ "إِن" مخففة من الثقيلة دخلت على كاد كما تدخل على كان.
ونحوه "إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا" واللام هي الفارقة بينها وبين النافية.
﴿ وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المحضرين ﴾ في النار.
وقال الكسائي :"لَتُرْدِينِ" أي لتهلكني، والردى الهلاك.
وقال المبرد : لو قيل "لتردِينِ" لتوقعني في النار لكان جائزاً.
"وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبيِّ" أي عصمته وتوفيقه بالاستمساك بعروة الإسلام والبراءة من القرين السوء.
وما بعد لولا مرفوع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف.
"لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ" قال الفراء : أي لكنت معك في النار محضراً.
وأحضر لا يستعمل مطلقاً إلا في الشر ؛ قاله الماوردي.
قوله تعالى :﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴾ وقرىء "بِمائِتِين" والهمزة في "أَفَمَا" للاستفهام دخلت على فاء العطف، والمعطوف محذوف معناه أنحن مخلَّدون منعَّمون فما نحن بميتين ولا معذبين.
﴿ إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى ﴾ يكون استثناء ليس من الأول ويكون مصدراً ؛ لأنه منعوت.