ولما كان ربما ظن أنه لعدم الرسل، نفى ذلك بقوله مؤكداً لنحو ذلك :﴿ولقد أرسلنا﴾ أي على ما لنا من العظمة التي توجب الإتيان بما لا ريب فيه من البيان ﴿فيهم منذرين﴾ أي فأنذروهم بأس الله وبينوا لهم أحسن البيان، ومع ذلك فغلب عليهم الضلال، وعناد أهل الحق بالمحال، حتى أهلكهم الله بما له من شديد المجال، وهو معنى قوله :﴿فانظر﴾ أي فتسبب عن الإرسال أنا فعلنا في إهلاكهم من العجائب ما يستحق التعجيب به والتحذير من مثله بأن يقال لمن تخلف عنهم : انظر ﴿كيف﴾ ولما كان ذلك عادة مستمرة لم تختلف أصلاً قال :﴿كان عاقبة﴾ أي آخر امر ﴿المنذرين﴾ أي في إنا أهلكناهم لتكذيبهم، فاصبر على الشدائد كما صبروا، واستمر على الدعاء بالبشارة والنذارة حتى يأتيك أمر الله.
ولما أفهم الحكم على الأكثر بالضلال أن الأقل على غير حالهم، نبه على حال الطائعين بقوله مستثنياً من ضمير المنذرين :﴿إلا عباد الله﴾ أي الذين استخلصهم سبحانه بما له من صفات الكمال، فاستحقوا الإضافة إلى اسمه الأعظم ﴿المخلصين﴾ أي الذين أخلصهم له فأخلصوا هم أعمالهم فلم يجعلوا فيها شوباً لغيره. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٣١٤ ـ ٣١٧﴾