إسحاق ابني، فشق هذا الأمر على إبراهيم لمكان ابنه، فقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام : لا يشقن عليك حال الصبي وأمتك، أطع سارة في جميع ما تقول لأن نسلك إنما يذكر بإسحاق، وابن الأمة أجعله لشعب كثير لأنه من ذريتك، فغدا إبراهيم عليه السلام باكراً وأخذ خبزاً وإداوة من ماء، فأعطاها هاجر وحملها الصبي والطعام - إلى آخر ما في البقرة فقوله " إن هاجر طردت بعد فطام إسحاق وابنها تحمل " لا يصح، وقد تقدم أن عمره يوم فطام إسحاق خمس عشرة سنة، وتقدم أيضاً أن سارة أمرته بطردها وهي حبلى، وأنه سلمها لها فطردتها، وان الملك لقيها فبشرها بإسماعيل ولم يذكر في نسختي - وهي قديمة جداً - شيئاً يدل على رجوعها، وأما في نسخة عندهم فقال : إن الملك قال لها : ارجعي إلى سيدتك واستكدي تحت يدها - ولم يذكر أنها رجعت، وقد صح الخبر عندنا بقول نبينا ـ ﷺ ـ أن إبراهيم عليه السلام وضع هاجر وابنها إسماعيل عليه السلام، عند البيت الحرام وهو يرضع، واستمرا هناك إلى أن ماتت هاجر ـ رضى الله عنه ـ ا، وتزوج إسماعيل عليه السلام وبنى البيت مع أبيه عليهما السلام، وقوله " لأن نسلك إنما يذكر بإسحاق عليه السلام " غير مطابق للواقع، فإن شهرة العرب بإبراهيم عليه السلام أن لم تكم أن أكثر من شهرة بني إسحاق بذلك فهي مثلها، وخبر الله لا يتخلف، فدل هذا كله أنهم بدلوا القصة وحرفوها، فلا متمسك فيها لهم، ودلالتها على أن الذبيح إسماعيل عليه السلام أولى من دلالتها على غير ذلك لوصفه بالوحيد - والله أعلم كيف كانت القصة قبل التبديل؟ ومما يدل على ما فهمت من تبديلهم لها ما قال البغوي : قال القرظي يعني محمد بن كعب - : سأل عمر بن عبد العزيز رجلاً كان من علماء اليهود أسلم وحسن إسلامه : أي ابني إبراهيم عليه السلام أمر بذبحه؟ فقال : إسماعيل يا أمير المؤمنين! إن اليهود لتعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن


الصفحة التالية
Icon