وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) ﴾
قالت فرقة : إن قول إبراهيم ﴿ إني ذاهب ﴾ كان بعد خروجه من النار، وإنه أشار بذهابه إلى هجرته من أرض بابل حيث كانت مملكة نمرود فخرج إلى الشام ويروى إلى بلاد مصر، وقالت فرقة : قوله ﴿ إني ذاهب ﴾ ليس مراده به الهجرة كما في آية أخرى وإنما مراده لقاء الله بعد الاحتراق ولأنه ظن أن النار سيموت فيها، فقال هذه المقالة قبل أن يطرح في النار، فكأنه قال إني سائر بهذا العمل إلى ربي، وهو سيهديني إلى الجنة، نحا إلى هذا المعنى قتادة، وللعارفين بهذا الذهاب تمسك واحتجاج في الصفاء وهو محمل حسن في ﴿ أني ذاهب ﴾ وحده، والأول أظهر من نمط الآية بما بعده، لأن الهداية معه تترتب، والدعاء في الولد كذلك، ولا يصح مع ذهاب الفناء، وقوله ﴿ من الصالحين ﴾ ﴿ من ﴾ للتبعيض أي ولداً يكون في عداد الصالحين، وقوله ﴿ فبشرناه ﴾ قال كثير من العلماء منهم العباس بن عبدالمطلب وقد رفعه وعلي وابن عباس وابن مسعود وكعب وعبيد بن عمرو هي البشارة المعروفة بإسحاق وهو الذبيح وكان أمر ذبحه بالشام، وقال عطاء ومقاتل ببيت المقدس، وقال بعضهم بل بالحجاز، جاء مع أبيه على البراق وقال ابن عباس والبشارة التي بعد هذه في هذه الآية هي بشارة بنبوته كما قال تعالى في موسى ﴿ ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيّاً ﴾ [ مريم : ٥٣ ] وهو قد كان وهبه له قبل ذلك، فإنما أراد النبوءة، فكذلك هذه، وقالت هذه الفرقة في قول الأعرابي : يا بن الذبيحين أراد إسحاق والعم أب، وقيل إنه أمر بذبحه بعدما ولد له يعقوب، فلم يتعارض الأمر بالذبح مع البشارة بولده وولده ولده، وقالت فرقة : هذه البشارة هي بإسماعيل وهو الذبيح وأمر ذبحه كان بالحجاز بمنى رمى إبراهيم الشيطان بالجمرات وقبض الكبش حين أفلت له وسن السنن.


الصفحة التالية
Icon