و ﴿ هم ﴾ من قوله :﴿ فكانوا هُمُ الغالِبينَ ﴾ ضمير فصل وهو يفيد قصراً، أي هم الغالبين لغيرهم وغيرهم لم يغلبوهم، أي لم يغلبوا ولو مرة واحدة فإن المنتصر قد ينتصر بعد أن يُغلب في مواقع.
وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧)
﴿ الكِتابَ المُسْتَبينَ ﴾ : هو التوراة، والمستبين القوي الوضوح، فالسين والتاء للمبالغة يقال : استبان الشيء إذا ظهر ظهوراً شديداً.
وتعدية فعل الإيتاء إلى ضمير موسى وهارون مع أن الذي أوتي التوراة هو موسى كما قال تعالى :﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب ﴾ [ المؤمنون : ٤٩ ] من حيث إن هارون كان معاضداً لموسى في رسالته فكان له حظ من إيتاء التوراة كما قال الله في الآية الأخرى ﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ﴾ [ الأنبياء : ٤٨ ] وهذا من استعمال الإِيتاء في معنييه الحقيقي والمجازي.
و﴿ الصِّراطَ المُستقيمَ ﴾ : الدين الحق كما تقدم في سورة الفاتحة، وقد كانت شريعة التوراة يوم أوتيها موسى عليه السلام هي الصراط المستقيم فلمّا نسخت بالقرآن صار القرآن هو الصراط المستقيم للأبد وتعطل صراط التوراة.
ويجوز أن يراد بـ ﴿ الصراط المستقيم ﴾ أصول الديانة التي لا تختلف فيها الشرائع وهي التوحيد وكليات الشرائع التي أشار إليها قوله تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً إلى قوله : وموسى وعيسى ﴾ [ الشورى : ١٣ ].


الصفحة التالية
Icon