وأبو عبيدة يذهب إلى أنه جُمع جمَع التسليم على أنه وأهل بيته سلّم عليهم ؛ وأنشد :
قَدْنِيَ من نَصْر الْخُبَيْبِينَ قَدِي...
يقال : قدني وقَدِي لغتان بمعنى حَسْب.
وإنما يريد أبا خُبَيْب عبد اللّه بن الزبير فجمعه على أن من كان على مذهبه داخل معه.
وغير أبي عبيدة يرويه : الخُبَيْبَيْن على التثنية، يريد عبد اللّه ومُصْعَبا.
ورأيت عليّ بن سليمان يشرحه بأكثر من هذا ؛ ( قال ) فإن العرب تسمي قوم الرجل باسم الرجل الجليل منهم، فيقولون : المهالِبة على أنهم سموا كل رجل منهم بالمهلَّب.
قال : فعلى هذا "سَلامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ" سمّى كل رجل منهم بإلياس.
وقد ذكر سيبويه في كتابه شيئاً من هذا، إلا أنه ذكر أن العرب تفعل هذا على جهة النسبة ؛ فيقولون : الأشعرون يريدون به النسب.
المهدوي : ومن قرأ "إلياسِين" فهو جمع يدخل فيه إلياس فهو جمع إلياسيّ فحذفت ياء النسبة ؛ كما حذفت ياء النسبة في جمع المكسَّر في نحو المهالبة في جمع مهلبيّ، كذلك حذفت في المسلَّم فقيل المهلّبون.
وقد حكى سيبويه : الأشعرون والنميرون يريدون الأشعريين والنميريين.
السهيليّ : وهذا لا يصح بل هي لغة في إلياس، ولو أراد ما قالوه لأدخل الألف واللام كما تدخل في المهالبة والأشعريين ؛ فكان يقول :"سَلامٌ على الإلياسيِن" لأن العَلَم إذا جمع ينكر حتى يعرّف بالألف واللام ؛ لا تقول : سلام على زيدين، بل على الزيدين بالألف واللام.
فإلياس عليه السلام فيه ثلاث لغات.
النحاس : واحتج أبو عبيد في قراءته "سَلامٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ" وأنه اسمه كما أن اسمه إلياس ؛ لأنه ليس في السورة سلام على "آل" لغيره من الأنبياء ﷺ، فكما سُمِّي الأنبياء كذا سُمِّي هو.
وهذا الاحتجاج أصله لأبي عمرو وهو غير لازم ؛ لأنا بينا قول أهل اللغة أنه إذا سلم على آله من أجله فهو سلام عليه.


الصفحة التالية
Icon