قال القاضي أبو محمد : وهذا يصح على قول من رأى الجنة الملائكة، وقوله تعالى :﴿ فإنكم وما تعبدون ﴾ بمعنى قل لهم يا محمد إنكم وإصنامكم ما أنتم بمضلين أحداً بسببها، وعليها الأمر سبق عليه القضاء وضمه القدر، بأنه يصلى الجحيم في الآخرة، وليس عليكم إضلال من هدى الله تعالى، وقالت فرقة ﴿ عليه ﴾، بمعنى به، و" الفاتن " المضل في هذا الموضع وكذلك فسر ابن عباس والحسن بن أبي الحسن، وقال ابن الزبير على المنبر : إن الله هو الهادي والفاتن، و﴿ من ﴾ في موضع نصب ﴿ بفاتنين ﴾، وقرأ الجمهور " صالِ الجحيم " بكسر اللام، من صال حذفت الياء للإضافة، وقرأ الحسن بن أبي الحسن " صالُ الجحيم " بضم اللام وللنحاة في معناه اضطراب، أقواه أنه صالون حذفت النون للإضافة، ثم حذفت الواو للالتقاء وخرج لفظ الجميع بعد لفظ الإفراد، فهو كما قال ﴿ ومنهم من يستمعون ﴾ [ يونس : ٤٢ ] لما كانت " من " و" هو " من الأسماء التي فيها إبهام ويكنى بها عن أفراد وجمع ثم حكى قول الملائكة، ﴿ وما منا ﴾ وهذا يؤيد أن الجنة أراد بها الملائكة كأنه قال ولقد علمت كذا أو أن قولها لكذا، وتقدير الكلام ما منا ملك، وروت عائشة عن النبي ﷺ " إن السماء ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو واقف يصلي "، وقال ابن مسعود " موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه "، وقرأ ابن مسعود " وإن كلنا لما له مقام معلوم "، و﴿ الصافون ﴾ معناه الواقفون صفوفاً، و﴿ المسبحون ﴾ يحتمل أن يريد به الصلاة، يحتمل أن يريد به قول سبحان الله، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا أقيمت الصلاة صرف وجهه إلى الناس فيقول لهم : عدلوا صفوفكم وأقيموها فإن الله تعالى إنما يريد بكم هدي الملائكة، فإنها تقول ﴿ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ﴾، ثم يرى تقويم الصفوف، وعند ذلك ينصرف ويكبر، قال الزهراوي : قيل إن المسلمين إنما اصطفوا منذ نزلت