قوله تعالى :﴿ فسوف يعلمون ﴾، وعيد محض لأنهم تمنوا أمراً فلما جاءهم الله تعالى به كفروا واستهواهم الحسد، ثم أنس تعالى نبيه وأولياءه بأن القضاء قد سبق، والكلمة قد حقت في الأزل بأن رسل الله تعالى إلى أرضه هم ﴿ المنصورون ﴾ على من ناوأهم المظفرون بإرادتهم المستوجبون الفلاح في الدارين، وقرأ الضحاك " كلماتنا " بألف على الجمع، وجند الله هم الغزاة لتكون كلمات الله هي العليا، وقال علي بن أبي طالب : جند الله في السماء الملائكة، وفي الأرض الغزاة وقوله تعالى، ﴿ فتول عنهم حتى حين ﴾ وعد للنبي ﷺ وأمر بالموادعة، وهذا مما نسخته آية السيف، واختلف الناس في المراد ب " الحين "، هنا، فقال السدي : الحين المقصود يوم بدر ورجحه الطبري، وقال قتادة : الحين موتهم، وقال ابن زيد : الحين المقصود يوم القيامة، وقوله تعالى :﴿ وأبصرهم فسوف يبصرون ﴾ وعد للنبي ﷺ ووعيد لهم أي سوف يرون عقبى طريقتهم، ثم قرر تعالى نبيه على جهة التوبيخ لهم على استعجالهم عذاب الله، وقرأ جمهور الناس " فإذا نَزَل بساحتهم " على بناء الفعل للفاعل أي نزل العذاب، وقرأ ابن مسعود " نُزِل بساحتهم " على بنائه للمفعول، والساحة الفناء، والعرب تستعمل هذه اللفظة فيما يرد على الإنسان من خير أو شر، وسوء الصباح أيضاً مستعمل في ورود الغارات والرزايا، ونحو ذلك ومنه قول الصارخ : يا صباحاه! كأنه يقول قد ساء لي الصباح فأغيثوني، وقرأ ابن مسعود " فبئس صباح "، ثم أعاد عز وجل أمر نبيه بالتولي تحقيقاً لتأنيسه وتهمماً به، وأعاد وتوعدهم أيضاً لذلك، ثم نزه نفسه تنزيهاً مطلقاً عن جميع ما يمكن أن يصفه به أهل الضلالات، و﴿ العزة ﴾ في قوله ﴿ رب العزة ﴾ هي العزة المخلوقة الكائنة، للأنبياء والمؤمنين وكذلك قال الفقهاء من أجل أنها مربوبة، وقال محمد بن سحنون وغيره : من حلف بعزة الله فإن كان أراد صفته الذاتية


الصفحة التالية
Icon