وقوله: ﴿هَذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ...﴾.
يقول فمُنَّ به أى أعط، أو أمسك، ذاكَ إليك. وفى قراة عبدالله (هذا فامنن أو أمسك عطاؤنا بغير حساب) مقدّم ومؤخّر.
﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾
وقوله: ﴿بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ...﴾.
اجتمعت القراء على ضمّ النون منْ (نُصبٍ) وتخفيفها. وذكروا أن أبا جعفر المَدَنىّ قَرأ (بنَصَبٍ وعذابٍ) ينصب النون والصاد. وكلاهما فى التفسير واحد.
وذكروا أنه المرض وما أصابه منَ العَناء فيه. والنُّصْبُ والنَّصَبُ بمنزلة الحُزْن والحَزَن، والعُدْمِ والعَدَمِ، والرُّشْد والرَشَد، والصُّلْب والصَّلَب: إذا خُفِّف ضُمّ أوله ولم يثقّل لأنهم جعلوهما على سَمْتين: إذا فتحُوا أوّله ثقّلوا، وإذا ضَمُّوا أوله خَفَّفُوا، قال: وأنشدنى. بعض العرب:
لئِن بعثت أم الحُميدَينِ مَائِرا * لقد غنِيت فى غير بؤسٍ ولا جُحْد
والعرب تقول: جَحِد عيشُهم جَحَداً إذا ضاق واشتدّ، فلمّا قال: جُحْد وضمّ أوله خَفَّفَ. فابن على ما رأيت من هاتين اللغتين.
﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾
وقوله: ﴿ضِغْثاً...﴾
والضِّغث: ما جمعته من شىء ؛ مثل حُزْمة الرَطْبَة، وما قام على سَاقٍ واستطال ثم جَمعته فهو ضِغْث.
﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ ﴾
وقوله: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ...﴾
قرأتِ القراء ﴿عِبَادَنَا﴾ يريدونَ: إبراهيم وولده وقرأ ابن عباس: (واذكرعَبْدَنا إبراهيم) وقال: إنما ذكر إبراهيم. ثم ذكرت ذريّتُه منْ بعده. ومثله: ﴿قالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وإِلهَ أبِيك﴾ على هذا المذهب فى قراءة ابن عباس. والعَامَّة ﴿آبائِكَ﴾ وكلّ صَواب.


الصفحة التالية
Icon