ويكون (هذا) فى موضع رفعٍ، وموضع نصبٍ. فمن نصب أَضمر قبلهَا نَاصِباً كقول الشاعر:
زيادتَنا نُعمان لا تَحْرِمَنَّهَا * تَقِ اللهَ فينَا والكتابَ الذى تتلو
ومنْ رفع رفع بالهاء التى فى قوله: ﴿فَلْيَذُوقُوهُ﴾ كما تقول فى الكلام: الليلَ فبادرُوه واللَّيْلُ.
والغساق تشدّد سينُه وتخفّف شدّدها يحيى بن وثّاب وعامّة أصحاب عبدالله، وخفّفها الناس بَعْدُ. وذكروا أنّ الغسّاق بارد يُحرق كإحراق الحميم. ويقال إنه ما يَغْسِق ويسيل من صَديدهم وجلودهم.
﴿ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾
وقوله: ﴿وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ...﴾
قرأ الناس (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ) إلاّ مجاهداً فإنه قرأ (وَأُخَرُ) كأنه ظنّ أن الأزواج لا تكون من نعتٍ واحِدٍ. وإذا كان الاسم فعلاً جاز أن ينعت بالاثنين والكثير ؛ كقولك فى الكلام: عذاب فلان ضروب شتّى وضربان مختلفان. فهذا بَيّن. وإن شئت جَعلت الأزاوج نعتاً للحَميم وللغساق ولآخر، فهنَّ ثلاثة، وأن تجعَله صفة لواحد أشبهُ، والذى قال مجاهد جَائز، ولكنى لا أستحبّه لاتّباع العَوَامّ وبيانِه فى العربيَّة.
﴿ هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النَّارِ ﴾
وقوله: ﴿هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ...﴾
هى الأُمَّة تدخل بعد الأُمَّة النار.
ثم قَالَ: ﴿لاَ مَرْحَباً بِهِمْ﴾ الكلام متَّصل، كأنه قول واحِدٍ، وإنما قوله: ﴿لاَ مَرْحَباً بِهِمْ﴾ من قول أهل النار، وهو كقوله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ وهو فى اتّصاله. كقوله: ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُم بسحره فمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ فاتصل قول فرعون بقولِ أصحَابه.
﴿ قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ ﴾
وقوله: ﴿قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا...﴾
معناهُ: من شرع لَنا وسَنّهُ ﴿فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ﴾.


الصفحة التالية
Icon