وأما الصفات المذكورة بعد ذكر القصة فهي عشرة الأول : قوله :﴿وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب﴾ وذكر هذا الكلام إنما يناسب لو دلت القصة المتقدمة على قوته في طاعة الله، أما لو كانت القصة المتقدمة دالة على سعيه في القتل والفجور لم يكن قوله :﴿وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى﴾ لائقاً به الثاني : قوله تعالى :﴿ياداوود إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً فِى الأرض﴾ وهذا يدل على كذب تلك القصة من وجوه أحدهما : أن الملك الكبير إذا حكى عن بعض عبيده أنه قصد دماء الناس وأموالهم وأزواجهم فبعد فراغه من شرح القصة على ملأ من الناس يقبح منه أن يقول عقيبه أيها العبد إني فوضت إليك خلافتي ونيابتي، وذلك لأن ذكر تلك القبائح والأفعال المنكرة يناسب الزجر والحجر، فأما جعله نائباً وخليفة لنفسه فذلك ألبتة مما لا يليق وثانيها : أنه ثبت في أصول الفقه أن ذكر الحكم عقيب الوصف يدل على كون ذلك الحكم معللاً بذلك الوصف، فلما حكى الله تعالى عنه تلك الواقعة القبيحة، ثم قال بعده :﴿إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً فِى الأرض﴾ أشعر هذا بأن الموجب لتفويض هذه الخلافة هو إتيانه بتلك الأفعال المنكرة ؛ ومعلوم أن هذا فاسد، أما لو ذكر تلك القصة على وجوه تدل على براءة ساحته عن المعاصي والذنوب وعلى شدة مصابرته على طاعة الله تعالى فحينئذٍ يناسب أن يذكر عقيبه