العبد - ثم تأملت أنه تعالى قصر الأجر والشكر على ما بحذاء العمل والسعي قضيت بأن الصلاح الذاتي كرامة ليست بحذاء العمل والإرادة وربما تبين به معنى قوله تعالى :(لهم ما يشاؤن فيها) وهو ما بالعمل - وقوله :(ولدينا مزيد) - وهو أمر غير ما بالعمل على ما سيجئ بيانه إن شاء الله في تفسير قوله تعالى :(لهم ما يشاؤن فيها) ق - ٣٥}.
ثم إنك إذا تأملت حال إبراهيم ومكانته في أنه كان نبيا مرسلا وأحد أولي العزم من الأنبياء، وأنه إمام، وأنه مقتدى عدة ممن بعده من الأنبياء والمرسلين وأنه من الصالحين بنص قوله تعالى :(وكلا جعلنا صالحين) الأنبياء - ٧٢} الظاهر في الصلاح المعجل على أن من هو دونه في الفضل من الأنبياء أكرم بهذا الصلاح المعجل وهو مع ذلك كله يسأل اللحوق بالصالحين الظاهر في أن هناك قوما من الصالحين سبقوه وهو يسأل اللحوق بهم فيما سبقوه إليه،
وأجيب بذلك في الآخرة كما يحكيه الله تعالى في ثلاثة مواضع من كلامه حيث قال تعالى :(ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) البقرة - ١٣٠} وقال تعالى :﴿وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) العنكبوت - ٢٧﴾ وقال تعالى :(وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) النحل - ١٢٢} فإذا تأملت ذلك حق التأمل قضيت بأن الصلاح ذو مراتب بعضها فوق بعض. أ هـ ﴿الميزان ـ ٣٠٣ ـ ٣٠٦﴾