وقال الآلوسى :
ولا يمكن الحمل على الحقيقة أعني إحداث الإسلام والإيمان لأن الأنبياء معصومون عن الكفر قبل النبوة وبعدها ولأنه لا يتصور الوحي والاستنباء قبل الإسلام نعم إذا حمل الإسلام على العمل بالجوارح لا على معنى الإيمان أمكن الحمل على الحقيقة كما قيل به وفي الالتفات مع التعرض لعنوان الربوبية والإضافة إليه ـ عليه السلام ـ إظهار لمزيد اللطف به والاعتناء بتربيته، وإضافة الرب في الجواب إلى ﴿العالمين﴾ للإيذان بكمال قوة إسلامه حيث أتقن حين النظر شمول ربوبيته تعالى للعالمين قاطبة لا لنفسه فقط كما هو المأمور به ظاهراً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ١ صـ ٣٨٨﴾
قوله تعالى ﴿قال أسلمت﴾
وقوله :﴿قال أسلمت﴾ مشعر بأنه بادر بالفور دون تريث كما اقتضاه وقوعه جواباً، قال ابن عرفة : إنما قال لرب العالمين دون أن يقول أسلمت لك ليكون قد أتى بالإسلام وبدليله اه. يعني أن إبراهيم كان قد علم أن لهذا العالم خالقاً عالماً حصل له بإلهام من الله فلما أوحى الله إليه بالإيمان صادف ذلك عقلاً رشداً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١ صـ ٤١٧﴾
وقال فى روح البيان :
﴿ولقد اصطفيناه فى الدنيا﴾ أى وبالله لقد اخترنا ابراهيم فى الدنيا من بين سائر الخلق بالنبوة والحكمة ﴿وانه فى الآخرة﴾ متعلق بقوله ﴿لمن الصالحين﴾ أى من المشهود لهم بالثبات على الاستقامة والخير والصلاح فمن كان صفوة العباد فى الدنيا مشهودا له فى الآخرة بالصلاح كان حقيقا بالاتباع لا يرغب عن ملته إلا سفيه أى فى أصل خلقته أو متسفه يتكلف السفاهة بمباشرة افعال السفهاء باختيار فيذل نفسه بالجهل والإعراض عن النظر والتأمل فقوله ﴿وانه فى الآخرة لمن الصالحين﴾ بشارة له فى الدنيا بصلاح الخاتمة ووعد له بذلك وكم من صالح فى أول حاله ذهب صلاحه فى مآله وكان فى الآخرة لعذابه ونكاله كبلعم وبرصيصا وقارون وثعلبة. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١ صـ ٢٩٦﴾