وقد رد ابن عطية هذه الروايات فقال :
واختلف بعض رواة القصص : فقيل إن آدم أمر ببنائه، فبناه، ثم دثر ودرس حتى دل عليه إبراهيم فرفع قواعده، وقيل : إن آدم هبط به من الجنة، وقيل : إنه لما استوحش في الأرض حين نقص طوله وفقد أصوات الملائكة أهبط إليه وهو كالدرة، وقيل : كالياقوتة، وقيل : إن البيت كان ربوة حمراء، وقيل بيضاء، ومن تحته دحيت الأرض، وإن إبراهيم ابتدأ بناءه بأمر الله ورفع قواعده.
والذي يصح من هذا كله أن الله أمر إبراهيم برفع قواعد البيت، وجائز قدمه وجائز أن يكون ذلك ابتداء، ولا يرجح شيء من ذلك إلا بسند يقطع العذر، وقال عبيد بن عمير : رفعها إبراهيم وإسماعيل معاً، وقال ابن عباس : رفعها إبراهيم، وإسماعيل يناوله الحجارة، وقال علي بن أبي طالب : رفعها إبراهيم، وإسماعيل طفل صغير.
قال القاضي أبو محمد : ولا يصح هذا عن علي رضي الله عنه، لأن الآية والآثار تردهُ. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ١ صـ ٢١٠﴾
وقد رد أبو حيان هذه الروايات بقوله :
ذكر المفسرون في ماهية هذا البيت وقدمه وحدوثه، ومن أي شيء كان باباه، وكم مرة حجة آدم، ومن أي شيء بناه إبراهيم، ومن ساعده على البناء، قصصاً كثيرة. واستطردوا من ذلك للكلام في البيت المعمور، وفي طول آدم، والصلع الذي عرض له ولولده، وفي الحجر الأسود، وطولوا في ذلك بأشياء لم يتضمنها القرآن ولا الحديث الصحيح. وبعضها يناقض بعضاً، وذلك على جري عاداتهم في نقل ما دب وما درج. ولا ينبغي أن يعتمد إلا على ما صح في كتاب الله وسنة رسول الله ـ ﷺ ـ. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ١ صـ ٥٥٨﴾


الصفحة التالية
Icon