" نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكله " فهذه أنواع من الكبائر نسبوها إلى سليمان عليه السلام مع أن لفظ القرآن لم يدل على شيء منها : وسادسها : أن هذه القصص إنما ذكرها الله تعالى عقيب قوله :﴿وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحساب﴾ [ ص : ١٧ ] وأن الكفار لما بلغوا في السفاهة إلى هذا الحد قال الله تعالى لمحمد ﷺ اصبر يا محمد على سفاهتهم واذكر عبدنا داود : وذكر قصة داود، ثم ذكر عقبيها قصة سليمان، وكان التقدير أنه تعالى قال لمحمد عليه السلام اصبر يا محمد على ما يقولون واذكر عبدنا سليمان، وهذا الكلام إنما يكون لائقاً لو قلنا إن سليمان عليه السلام أتى في هذه القصة بالأعمال الفاضلة والأخلاق الحميدة، وصبر على طاعة الله، وأعرض عن الشهوات واللذات، فأما لو كان المقصود من قصة سليمان عليه السلام في هذا الموضع أنه أقدم على الكبائر العظيمة والذنوب الجسيمة لم يكن ذكر هذه القصة لائقاً بهذا الموضع، فثبت أن كتاب الله تعالى ينادي على هذه الأقوال الفاسدة بالرد والإفساد والإبطال بل التفسير المطابق للحق لألفاظ القرآن والصواب أن نقول إن رباط الخيل كان مندوباً إليه في دينهم كما أنه كذلك في دين محمد ﷺ ثم إن سليمان عليه السلام احتاج إلى الغزو فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر بإجرائها وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس، وإنما أحبها لأمر الله وطلب تقوية دينه وهو المراد من قوله عن ذكر ربي، ثم إنه عليه السلام أمر بإعدائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره، ثم أمر الرائضين بأن يردوا تلك الخيل إليه فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها، والغرض من ذلك المسح أمور الأول : تشريفاً لها وإبانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو الثاني : أنه أراد أن يظهر أنه في ضبط السياسة والملك يتضع إلى حيث يباشر أكثر الأمور بنفسه الثالث : أنه كان


الصفحة التالية
Icon