والعرب تقول في الضعيف إنه لحم على وضم وجسم بلا روح ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ أي رجع إلى حال الصحة، فاللفظ محتمل لهذه الوجوه ولا حاجة ألبتة إلى حمله على تلك الوجوه الركيكة الرابع : أقول لا يبعد أيضاً أن يقال إنه ابتلاه الله تعالى بتلسيط خوف أو توقع بلاء من بعض الجهات عليه، وصار بسبب قوة ذلك الخوف كالجسد الضعيف الملقى على ذلك الكرسي، ثم إنه أزال الله عنه ذلك الخوف، وأعاد إلى ما كان عليه من القوة وطيب القلب.
أما قوله تعالى :﴿قَالَ رَبّ اغفر لِى﴾ فاعلم أن الذين حملوا الكلام المتقدم على صدور الزلة منه تمسكوا بهذه الآية، فإنه لولا تقدم الذنب لما طلب المغفرة، ويمكن أن يجاب عنه بأن الإنسان لا ينفك ألبتة عن ترك الأفضل والأولى، وحينئذ يحتاج إلى طلب المغفرة لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ولأنهم أبداً في مقام هضم النفس، وإظهار الذلة والخضوع، كما قال ﷺ :
" إني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة " ولا يبعد أن يكون المراد من هذه الكلمة هذا المعنى، والله أعلم.
ثم قال تعالى :﴿وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لأَحَدٍ مّن بَعْدِى﴾ دلت هذه الآية على أنه يجب تقديم مهم الدين على مهم الدنيا، لأن سليمان طلب المغفرة أولاً ثم بعده طلب المملكة.


الصفحة التالية
Icon