وثبت أن الضلال عن سبيل الله يوجب العذاب، وهذا بيان في غاية الكمال.
ثم قال تعالى :﴿بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الحساب﴾ يعني أن السبب الأول لحصول ذلك الضلال هو نسيان يوم الحساب، لأنه لو كان متذكراً ليوم الحساب لما أعرض عن إعداد الزاد ليوم المعاد، ولما صار مستغرقاً في هذه اللذات الفاسدة.
روي عن بعض خلفاء بني مروان أنه قال لعمر بن عبد العزيز هل سمعت ما بلغنا أن الخليفة لا يجري عليه القلم ولا يكتب عليه معصية ؟ فقال : يا أمير المؤمنين الخلفاء أفضل أم الأنبياء ؟ ثم تلا هذه الآية :﴿إِنَّ الذين يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الحساب﴾ ثم قال تعالى :﴿وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا باطلا ذلك ظَنُّ الذين كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النار﴾ ونظيره قوله تعالى :﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا سبحانك فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [ آل عمران : ١٩١ ] وقوله تعالى :﴿مَّا خَلَقَ الله السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق﴾ [ الروم : ٨ ] وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
احتج الجبائي بهذه الآية على أنه تعالى لا يجوز أن يكون خالقاً لأعمال العباد قال لأنها مشتملة على الكفر والفسق وكلها أباطيل.
فلما بين تعالى أنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً دل هذا على أنه تعالى لم يخلق أعمال العباد.