﴿ حيث أصاب ﴾ : أي حيث قصد وأراد، حكى الزجاج عن العرب.
أصاب الصواب فأخطأ الجواب : أي قصد.
وعن رؤية أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة، فخرج إليهما فقال : أين تصيبان؟ فقال : هذه طلبتنا.
ويقال : أصاب الله بك خيراً، وأنشد الثعلبي :
أصاب الكلام فلم يستطع...
فأخطأ الجواب لدى المفصل
وقال وهب : حيث أصاب، أي أراد.
قيل : ويجوز أن يكون أصاب دخلت فيه همزة التعدية من صاب، أي حيث وجه جنوده وجعلهم يصوبون صوب السحاب والمطر.
وقيل : أصاب : أراد، بلغة حمير.
وقال قتادة : بلغة هجر.
﴿ والشياطين ﴾ : معطوف على الريح و﴿ كل بناء وغواص ﴾ : بدل، وأتى ببنية المبالغة، كما قال :﴿ يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ﴾ الآية، وقال النابغة :
إلا سليمان إذ قال الإله له...
قم في البرية فاحددها عن الفند
وجيش الجنّ إني قد أذنت لهم...
يبنون تدمر بالصفاح والعمد
والمعطوف على العام عام، فالتقدير : وكل غواص، أي في البحر يستخرجون له الحلية، وهو أول من استخرج الدر.
﴿ وآخرين ﴾ : عطف على كل، فهو داخل في البدل، إذ هو بدل كل من كل بدل التفصيل، أي من الجنّ، وهم المردة، سخرهم له حتى قرنهم في الأصفاد لكفرهم.
وقال النابغة في ذلك :
فمن أطاعك فانفعه بطاعته...
كما أطاعك وادلله على الرشد
ومن عصاك فعاقبه معاقبة...
تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد
تقدم تفسير ﴿ مقرّنين في الأصفاد ﴾ في آخر سورة إبراهيم عليه السلام، وأوصاف من ملك سليمان في سورة النمل.
﴿ هذا عطاؤنا ﴾ : إشارة لما أعطاه الله تعالى من الملك الضخم وتسخير الريح والإنس والجنّ والطير، وأمره بأن يمنّ على من يشاء ويمسك عن من يشاء.
وقفه على قدر النعمة، ثم أباح له التصرف فيها بمشيئته، وهو تعالى قد علم أنه لا يتصرف إلا بطاعمة الله.


الصفحة التالية
Icon