وقال عِيَاضٌ : قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سليمان ﴾ معناه : ابتَلَيْنَاهُ، وابتلاؤه : هُو مَا حُكِي في الصحيحِ أنه قال :«لأَطُوفَنَّ الليلةَ على مِائَةِ امرأة كُلُّهُنَّ يَأْتِينَ بِفَارِسٍ يُجِاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَمْ يَقُلْ :«إنْ شَاءَ اللَّهُ» تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إلا امرأةٌ جاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ»، الحديث، قال أصحابُ المعانِي : والشِّقُّ هو الجسدُ الذي أُلْقِيَ على كرسيه حين عُرِضَ عليه ؛ وهي كانتْ عقوبتُهُ ومحنته، وقيل : بَلْ مَاتَ، وألْقِيَ على كُرْسِيِّهِ مَيِّتاً، وأما عَدَمُ استثْنَائِه، فأحْسَنُ الأجوبةِ عنه، ما رُوِيَ في الحديثِ الصحيح أَنَّهُ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ :«إنْ شَاءَ اللَّهُ»، ولاَ يَصِحُّ مَا نَقَلَهُ الإخباريُون من تَشَبُّه الشيطانِ به وتسَلُّطِهِ على مُلْكِهِ، وتصرُّفِه في أمَّتِه ؛ لأن الشَيَاطِينَ لاَ يُسَلَّطُونَ على مِثْلِ هذا، وقد عُصِمَ الأنبياءُ من مثله، انتهى، * ت * : قالَ ابن العربي :﴿ وَأَلْقَيْنَا على كُرْسِيِّهِ جَسَداً ﴾ يَعني جسدَه لا أجْسَادَ الشَّيَاطينِ ؛ كما يقولُه الضعفاءُ، انتهى من «كتاب تفسير الأفعال» له،
قال ابنُ العربيِّ في «أحكامَه» : وما ذكره بعضُ المفسِّرينَ مِنْ أن الشيطان أخذَ خاتَمَهُ، وجَلَسَ مجلسَه، وحَكمَ الخَلْقَ على لسانِه قولٌ باطلٌ قَطْعاً ؛ لأن الشياطينَ لا يَتَصَوَّرُونَ بِصُوَرِ الأَنْبِيَاءِ ؛ ولا يُمَكَّنُونَ من ذلك ؛ حتى يظنَّ الناسُ أنَّهم مع نبيِّهم في حَقٍّ، وهم مَعَ الشياطينِ في بَاطِلٍ ؛ ولو شاءَ ربُّكَ لوَهَبَ من المعرفةِ ( والدِّينِ ) لمنْ قَالَ هذا القولَ ما يَزَعُهُ عن ذِكْرِهِ، ويَمْنَعُهُ مِن أَنْ يَسْطُرَهُ في دِيوَان من بعده، انتهى.