وقوله تعالى :﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح... ﴾ الآية، كَانَ لسليمانَ كُرْسِيٌّ فيه جنودُهُ، وتأتي عليه الريحُ الإعصارُ، فَتَنْقُلُهُ من الأرضِ حتى يَحْصُلَ في الهواء، ثم تتولاَّهُ الرُّخَاءُ ؛ وهي اللَّيِّنَةُ القويَّةُ لا تَأْتِي فيها دُفْعٌ مُفْرِطَةٌ فَتَحْمِلُهُ ؛ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، ﴿ حَيْثُ أَصَابَ ﴾ : معناه : حيثُ أراد ؛ قاله وهْبٌ وغيره، قال * ع * : وَيُشْبِهُ أنَّ [ أَصَابَ ] معدى «صَابَ يَصُوبُ»، أي : حيث وَجَّه جنودَه، وقال الزَّجَّاج : معناه : قصدَ، قلت : وعليه اقْتَصَرَ أبو حيَّان ؛ فإنه قال : أصاب : أي قَصَدَ ؛ وأنْشَد الثعلبيُّ :[ المتقارب ]
أَصَابَ الكَلاَمَ فَلَمْ يَسْتَطِع... فَأَخْطَا الجواب لَدَى المَفْصِلِ
انتهى.
وقوله :﴿ كُلَّ بَنَّاءٍ ﴾ بَدَلٌ من ﴿ الشياطين ﴾ و ﴿ مُقْرَّنِينَ ﴾ معناه : مُوثَقِينَ ؛ قد قُرِنَ بعضُهم ببعضٍ، و ﴿ الأصفاد ﴾ القيودُ والأغْلاَلُ، قال الحَسَنُ : والإشارةُ بقوله :﴿ هذا عَطَاؤُنَا... ﴾ الآية، إلى جميع ما أعطاهُ اللَّه سبحانه مِنَ الملكِ ؛ وأمرَه بأن يَمُنَّ عَلى من يشاءُ ويُمْسِكُ عَمَّنْ يشاء، فكأنه وَقَفَهُ على قَدْرِ النِّعمة، ثم أباح له التصرُّفَ فيه بمشيئته ؛ وهذا أصح الأقوال وأجمعها لتفسير الآية. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon