﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح ﴾ أي فذللناها لطاعتِه إجابةً لدعوتِه فعاد أمرُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلى ما كان عليهِ قبل الفتنةِ. وقُرىء الرِّياح ﴿ تَجْرِى بِأَمْرِهِ ﴾ بيانٌ لتسخيرِها له ﴿ رُخَاء ﴾ أي لينةً من الرَّخاوةِ طيبة لا تزعزعُ وقيل : طيعةً لا تمنع عليه كالمأمورِ المنقادِ ﴿ حَيْثُ أَصَابَ ﴾ أي حيثُ قصدَ وأرادَ. حَكَى الأصمعيُّ عن العربِ أصابَ الصَّوابَ فأخطأَ الجوابَ ﴿ والشياطين ﴾ عطفٌ على الرِّيح ﴿ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ ﴾ بدلٌ من الشَّياطينَ ﴿ وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِى الاصفاد ﴾ عطفٌ على كلَّ بنَّاءٍ داخلٌ في حُكمِ البدلِ كأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فصَّل الشَّياطينَ إلى عَمَلةٍ استعملهم في الأعمالِ الشَّاقةِ من البناء والغَوص ونحو ذلك وإلى مَرَدةٍ قرن بعضَهم مع بعضٍ في السَّلاسلِ لكفِّهم عن الشرِّ والفسادِ. ولعلَّ أجسامهم شفَّافةٌ فلا تُرى صلبةً فيمكن تقييدُها ويقدرون على الأعمال الصَّعبة وقد جُوِّز أن يكون الإقرانُ في الأصفادِ عبارة عن كفِّهم عن الشُّرورِ بطريق التَّمثيلِ. والصَّفدُ القَيدُ وسُمِّي به العطاءُ لأنَّه يرتبط بالمنعمِ عليه وفرَّقوا بين فعليهما فقالُوا صفَده قيَّده وأصفدَهُ أعطاهُ على عكسِ وَعَد وأَوْعدَ.


الصفحة التالية
Icon