وظاهر كلامهم أنه للصافنات المذكور في الآية، ولعلك تختار أنه للخيل الدال عليها الحال المشاهدة أو الخير في قوله :﴿ إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير ﴾ [ ص : ٣٢ ] لأن ردوها من تتمة مقالته عليه السلام والصافنات غير مذكورة في كلامه بل في كلام الله تعالى لنبينا ﷺ، والكلام على ما قال الزمخشري على إضمار القول أي قال ردوها عليّ، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأنه قيل : فماذا قال سليمان؟ فقيل قال : ردوها، وتعقبه أبو حيان بأنه لا يحتاج إلى الإضمار إذ الجملة مندرجة تحت حكاية القول في قوله تعالى :﴿ فَقَالَ إِنّى ﴾ [ ص : ٣٢ ] الخ ؛ والفاء في قوله تعالى :﴿ فَطَفِقَ مَسْحاً ﴾ فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذاناً بغاية سرعة الامتثال بالأمر كما في قوله تعالى :﴿ فَقُلْنَا اضرب بّعَصَاكَ الحجر فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْنًا ﴾ [ البقرة : ٦٠ ] أي فردوها عليه فطفق الخ وطفق من أفعال الشروع واسمها ضمير سليمان و﴿ مَسْحاً ﴾ مفعول مطلق لفعل مقدر هو خبرها أي شرع يمسح مسحاً لا حال مؤول بماسحاً كما جوزه أبو البقاء إذ لا بد لطفق من الخبر وليس هذا مما يسد الحال فيه مسده، وقرأ زيد بن علي ﴿ مساحا ﴾ على وزن قتال ﴿ مَسْحاً بالسوق والاعناق ﴾ أي بسوقها وأعناقها على أن التعريف للعهد وإن أل قائمة مقام الضمير المضاف إليه، والباء متعلقة بالمسح على معنى شرع يمسح السيف بسوقها وأعناقها، وقال : جمع هي زائدة أي شرع يمسح سوقها وأعناقها بالسيف، ومسحته بالسيف كما قال الراغب : كناية عن الضرب.
وفي "الكشاف" يمسح السيف بسوقها وأعناقها يقطعها تقول مسح علاوته إذا ضرب عنقه ومسح المسفر الكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه، وعن الحسن كسف عراقيبها وضرب أعناقها أراد بالكسف القطع ومنه الكسف في ألقاب الزحاف والعروض ومن قاله بالشين المعجمة فمصحف، وكون المراد القطع قد دل عليه بعض الأخبار.